جلسة نقاشية تبرز دور المرأة في تعزيز التلاحم المجتمعي في أوقات النكبات

مكتبة قطر الوطنية تحتفي بالدور المحوري للمرأة العربية في صون التاريخ وحفظ الهوية

8 أكتوبر 2025

استضافت مكتبة قطر الوطنية كوكبة من الخبراء والباحثين لتسليط الضوء على الدور التاريخي الذي نهضت به المرأة في تشكيل الروابط الثقافية والاجتماعية في خضم النكبات التي مني بها العالم الإسلامي، وهو دور لم ينل قسطًا منصفًا من الدراسة والاحتفاء. وأكدت الندوة الإسهامات الجوهرية للمرأة في الحفاظ على الموروث الثقافي وتشكيل الهوية من المشرق إلى المغرب.

الجلسة التي أقيمت في 7 أكتوبر بعنوان "المرأة في الأندلس وفلسطين: من التغييب إلى التأثير" تجاوزت السرديات التقليدية التي تركز على التجارة والإنتاج المعرفي لتُبرز الروابط الاجتماعية المتينة التي نسجتها المرأة في الأندلس والمغرب والمشرق. وتناولت المتحدثتان في الندوة بالبحث والتحليل إرث المرأة في تعزيز التلاحم الاجتماعي في النوازل التاريخية مثل سقوط الأندلس والنكبة الفلسطينية في عام 1948.

وتعليقًا على الندوة، صرّحت إخلاص أحمد، أخصائية المشاركة المجتمعية من مكتبة قطر الوطنية، قائلًا: "إننا نلتزم في مكتبة قطر الوطنية بالحفاظ على تراثنا الثقافي ونشره على أوسع نطاق. وتبرز هذه الندوة الإسهامات الجليلة للمرأة في مد جسور التواصل الحضاري بين الثقافات وصون الهوية في سائر أنحاء العالم العربي، وهو ما يؤكد دورها المحوري في النسيج الاجتماعي لمنطقتنا وعظيم الأثر الذي تتركه في مجتمعاتنا".

تناولت الجلسة أوجه الشبه بين محنة المرأة الأندلسية والواقع الفلسطيني المعاصر، وأبرزت الصمود الأسطوري للمرأة الفلسطينية، لا سيّما في ظل الأوضاع الراهنة في غزة. واستعرضت الجلسة كيف ضربت المرأة العربية أروع الأمثلة في الصمود والتضحية فكانت بحق ركيزة من ركائز المقاومة وحارسة للذاكرة الجماعية على الرغم مما كابدته من آلام التهجير ومرارة التهميش ومصاب الفقد والحرمان.

وشاركت في الجلسة كل من الدكتورة فدوى الهزيتي، أستاذة التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء والخبيرة في الدراسات الثقافية المقارنة ودراسات ما بعد الاستعمار، والدكتورة بسمة الدجاني، أستاذة اللغة العربية وآدابها بالجامعة الأردنية، وتركّز أبحاثها الحالية على إبراز إسهامات النساء الرائدات في بناء الحضارة العربية الإسلامية.

وحول مشاركتها في الندوة، قالت الدكتورة فدوى الهزيتي: "يتمحور هذا اللقاء حول المرأة العربية والمسلمة في الماضي والحاضر، انطلاقاً من نموذج المرأة الأندلسية والفلسطينية تحديداً. ولا شك أن الأمة قد عاشت في تاريخها قديمًا فصولاً تشبه التي تحدث في حاضرها مثل فترة ما بعد الأندلس. وتسعي الندوة النقاشية إلى رصد واقع المرأة الفلسطينية وتأكيد حقها ودورها في حفظ الذاكرة المجتمعية وصون الهوية، وتسليط الضوء على ما تكابده الفلسطينيات تحت وطأة الاحتلال من قتل وحصار ومجاعة وإبادة جماعية".

وأضافت: "إن استدعاء تاريخ الأندلس لاستيعاب واقع فلسطين إنما هو منهج سلكه كتاب ومفكرون وأدباء لأجل التفكير والاعتبار وفتح أفق التدبّر لا بهدف المقارنة والاجترار. وبهذه الرؤية وهذا المنهج نقارب عوامل التأثير والتغييب لدى المرأة الأندلسية والفلسطينية. ويبقى الهدف الأساسي من هذا اللقاء هو ترسيخ الوعي بالقضية الفلسطينية ومشروعيتها، ليس فقط نصرة للشعب الفلسطيني بكل السبل فحسب، بل أيضاً للتأكيد على أن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة العربية والإسلامية".

ومن جانبها قالت الدكتورة بسمة الدجاني حول الندوة: "تتيح هذه الندوة التي تقام في توقيتٍ حساس ومفصلي منبرًا يُنصت إلى صوت المرأة الفلسطينية ودورها في وصل السرديات بين الشرق والغرب. ففي زمنٍ تهاوت فيه المرجعياتُ القِيمية، تبرزُ غزّة—بنسائها وأطفالها—بوصلةً أخلاقيةً تُذَكِّرُنا بأن الإيمان بالحقّ، والتمسّك بالوطن، وصون الكرامة، هي محكُّ إنسانيّتنا؛ فمَن سُلبت كرامتُه سُلبت حياته. لذا، فإنّ استعادة الوقائع الفاصلة في تاريخنا العربيّ الإسلاميّ ليست عودةً إلى الماضي، بل زادٌ للصمود، ودافعٌ للعمل الجماعي، ومسؤوليةٌ ثقافيةٌ وتربويةٌ تُعيننا على مواجهة واقع الإبادة الجارية في أرض فلسطين العربيّة المحتلّة، وإبقاء قضية الإنسانية والكرامة في صدارة الوعي العالمي".

وفي ختام الجلسة حثّت المتحدثتان على ضرورة تجديد الاحتفاء بالقيم الأخلاقية والتربوية التي تغرسها المرأة في المجتمع، كونها تجسيدًا حيًا لفضيلة الصمود وقيم الفخر والإباء.